معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: قل أتحاجوننا في الله ؛ في " أتحاجوننا في الله " ؛ لغات؛ فأجودها: " أتحاجوننا " ؛ بنونين؛ وإن شئت بنون واحدة: " أتحاجونا " ؛ على إدغام الأولى في الثانية؛ وهذا وجه جيد؛ ومنهم من إذا أدغم أشار إلى الفتح؛ كما قرؤوا: ما لك لا تأمنا على يوسف ؛ على الإدغام؛ والإشارة إلى الضم؛ وإن شئت حذفت إحدى النونين؛ فقلت: " أتحاجونا " ؛ فحذف لاجتماع النونين؛ قال الشاعر:


تراه كالثغام يعل مسكا ... يسوء الغانيات إذا فليني



يريد: " فلينني " ؛ ورأيت مذهب المازني وغيره: رد هذه القراءة؛ وكذلك ردوا فبم تبشرون ؛ قال أبو إسحاق : والإقدام على رد هذه القراءة غلط؛ لأن نافعا - رحمه الله - قرأ بها؛ وأخبرني إسماعيل بن إسحاق أن نافعا - رحمه الله - [ ص: 217 ] لم يقرأ بحرف إلا وأقل ما قرأ به اثنان من قراء المدينة؛ وله وجه في العربية؛ فلا ينبغي أن يرد؛ ولكن الفتح في قوله: " فبم تبشرون " ؛ أقوى في العربية.

ومعنى قوله: " قل أتحاجوننا في الله " : أن الله - عز وجل - أمر المسلمين أن يقولوا لليهود الذين ظاهروا من لا يوحد الله - عز وجل - من النصارى؛ وعبدة الأوثان؛ فأمر الله أن يحتج عليهم ب " إنكم تزعمون أنكم موحدون؛ ونحن نوحد؛ فلم ظاهرتم من لا يوحد الله - جل وعز -؛ وهو ربنا وربكم؛ ولنا أعمالنا؛ ولكم أعمالكم؟ " ؛ ثم أعلموهم أنهم مخلصون؛ وإخلاصهم إيمانهم بأن الله - عز وجل - واحد؛ وتصديقهم جميع رسله؛ فأعلموا أنهم مخلصون؛ دون من خالفهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية