معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقيل للذين اتقوا ماذا أنـزل ربكم ؛ "ما"؛ و"ذا"؛ كالشيء الواحد؛ والمعنى: "أي شيء أنزل ربكم؟"؛ قالوا خيرا ؛ على جواب "ماذا"؛ المعنى: أنزل خيرا؛ للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ؛ جائز أن يكون هذا الكلام ذكر ليدل على أن الذي قالوه اكتسبوا به حسنة؛ وجائز أن يكون تفسيرا لقولهم: "خيرا"؛ و"حسنة"؛ بالرفع؛ القراءة؛ ويجوز "للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة"؛ ولا تقرأن بها؛ وجوازها أن معناها أن "أنزل خيرا"؛ جعل للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ؛ أي: جعل لهم مكافأة في الدنيا؛ قبل الآخرة.

وقوله: ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين ؛ المعنى: "ولنعم دار المتقين دار الآخرة" ؛ ولكن المبين لقوله: "دار المتقين"؛ هو قوله: جنات عدن يدخلونها ؛ وهي مرفوعة بإضمار "هي"؛ كأنك لما قلت: "ولنعم دار المتقين"؛ على جواب السائل؛ أي: دار هي هذه الممدوحة؛ فقلت: "جنات عدن يدخلونها"؛ وإن شئت رفعت على الابتداء؛ ويكون المعنى: "جنات عدن نعم دار المتقين".

التالي السابق


الخدمات العلمية