معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ؛ " يا أيها " ؛ نداء مفرد مبهم؛ و " الذين " ؛ في موضع رفع؛ صفة ل " أيها " ؛ هذا مذهب الخليل؛ وسيبويه؛ وأما مذهب الأخفش؛ ف " الذين " ؛ صلة ل " أي " ؛ وموضع " الذين " : رفع بإضمار الذكر العائد على " أي " ؛ كأنه على مذهب الأخفش بمنزلة قولك: " يا من الذين " ؛ أي: " يا من هم الذين " ؛ و " ها " ؛ لازمة ل " أي " ؛ عوض عما حذف منها للإضافة؛ وزيادة في التنبيه؛ و " أي " ؛ في غير النداء؛ لا يكون فيها " ها " ؛ ويحذف معها الذكر العائد عليها؛ تقول: " اضرب أيهم أفضل " ؛ و " أيهم هو أفضل " ؛ تريد: " الذي هو أفضل " ؛ وأجاز [ ص: 229 ] المازني أن تكون صفة " أي " ؛ نصبا؛ فأجاز: " يا أيها الرجل أقبل " ؛ وهذه الإجازة غير معروفة في كلام العرب؛ ولم يجز أحد من النحويين هذا المذهب قبله؛ ولا تابعه عليه أحد بعده؛ فهذا مطروح مرذول؛ لمخالفته كلام العرب؛ والقرآن؛ وسائر الأخبار؛ ومعنى " استعينوا بالصبر والصلاة " : أي: بالثبات على ما أنتم عليه؛ وإن نالكم فيه مكروه في العاجل؛ فإن الله مع الصابرين؛ وتأويل أن الله معهم: أي: يظهر دينه على سائر الأديان؛ لأن من كان الله معه فهو الغالب؛ كما قال - عز وجل -: فإن حزب الله هم الغالبون ؛ ومعنى " استعينوا بالصلاة " : أي: إنكم إذا صليتم تلوتم في صلاتكم ما تعرفون به فضل ما أنتم عليه؛ فكان ذلك لكم عونا.

التالي السابق


الخدمات العلمية