معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
قال إن سألتك عن شيء بعدها ؛ أي: بعد هذه المسألة؛ فلا تصاحبني ؛ ويقرأ: "فلا تصحبني"؛ وقراءة شاذة: "فلا تصحبني"؛ فمن قرأ: "فلا تصحبني"؛ فإن معناه: "فلا تكونن صاحبي"؛ ومن قرأ: "فلا تصاحبني"؛ فمعناه: "إن طلبت صحبتك فلا تتابعني على ذلك"؛ ومن قرأ: "تصحبني"؛ ففيها أربعة أوجه؛ فأجودها: "فلا تتابعني على ذلك"؛ يقال: "قد أصحب المهر"؛ إذا انقاد؛ فيكون معناه: "فلا تتابعني في شيء ألتمسه منك"؛ ويجوز أن يكون معناه: "فلا تصحبني أحدا"؛ ولا أعرف لهذا معنى؛ لأن موسى لم يكن سأل الخضر أن يصحبه أحدا.

وقوله: قد بلغت من لدني عذرا ؛ ويقرأ: "من لدني"؛ بتخفيف النون؛ لأن أصل "لدن"؛ الإسكان؛ فإذا أضفتها إلى نفسك زدت نونا؛ ليعلم سكون النون الأولى؛ تقول: "من لدن زيد"؛ فتسكن النون؛ ثم تضيف إلى نفسك؛ فتقول: "من لدني"؛ كما تقول: "عن زيد وعني"؛ ومن قال: "من لدني"؛ لم يجز أن يقول: "عني"؛ و"مني"؛ بحذف النون؛ لأن "لدن"؛ اسم غير متمكن؛ و"من"؛ و"عن"؛ حرفان؛ جاءا لمعنى؛ و"لدن"؛ مع ذلك؛ أثقل من "من"؛ و"في"؛ والدليل على أن الأسماء يجوز فيها حذف النون قولهم: "قدني"؛ في [ ص: 304 ] معنى "حسبي"؛ ويقولون: "قد زيد"؛ فيدخلون النون لما ذكرناه؛ إذا أضيفت؛ ويجوز "قدي"؛ بحذف النون؛ لأن "قد"؛ اسم غير متمكن؛ قال الشاعر - فجاء باللغتين -:


قدني من نصر الخبيبين قدي



فأما إسكانهم دال "لدن"؛ فأسكنوها كما يقولون في "عضد": "عضد"؛ فيحذفون الصفة.

التالي السابق


الخدمات العلمية