معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ؛ الوقف عليه: "يا أبه"؛ بالهاء؛ والعرب تقول في النداء: "يا أبة"؛ و"يا أمة"؛ ولا تقول: "قال أبتي كذا"؛ ولا "قالت أمتي كذا"؛ وزعم الخليل ؛ وسيبويه أنه بمنزلة قولهم: "يا عمة"؛ و"يا خالة"؛ وأن "أبة"؛ للمذكر؛ والمؤنث؛ كأنك تقول للمذكر: "أبة"؛ وللمؤنث؛ والدليل على أن للأم حظا في الأبوة أنه يقال: "أبوان".

قال الله - عز وجل -: وورثه أبواه ؛ وزعم أنه بمنزلة قولهم: "رجل ربعة"؛ و"غلام يفعة"؛ وأن الهاء في "أبة" عوض من ياء الإضافة من "يا أبي"؛ ومن "يا أمي"؛ ولم يقل: "يا أبتي"؛ ولا "يا أمتي"؛ ولذلك لم تقع الهاء في غير النداء؛ لأن حذف الياء يقع في النداء كثيرا؛ تقول: "يا أب لا تفعل"؛ ولا تقل: "قال أب كذا وكذا"؛ تريد "قال أبي"؛ والمؤنث قد يوصف بالمذكر؛ كقولهم: "امرأة طالق؛ وطاهر"؛ ويقال: "ثلاثة [ ص: 332 ] أنفس"؛ و"النفس"؛ أنثى؛ سمي بها المذكر؛ وهذا تفسير مستقصى؛ وقريب.

التالي السابق


الخدمات العلمية