معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: شهر رمضان الذي أنـزل فيه القرآن ؛ القراءة بالرفع؛ ويجوز النصب؛ وهي قراءة ليست بالكثيرة؛ ورفعه على ثلاثة أضرب؛ أحدها الاستئناف؛ المعنى: " الصيام الذي كتب عليكم - أو الأيام التي كتبت عليكم - شهر رمضان " ؛ ويجوز أن يكون رفعه على البدل من " الصيام " ؛ فيكون مرفوعا على ما لم يسم فاعله؛ المعنى: " كتب عليكم شهر رمضان " ؛ ويجوز أن يكون رفعه على الابتداء؛ ويكون الخبر " الذي أنزل فيه القرآن " ؛ والوجهان اللذان شرحناهما " الذي " ؛ فيهما رفع على صفة الشهر؛ ويكون الأمر بالفرض فيه؛ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ؛ ومعنى " من شهد " : من كان شاهدا؛ غير مسافر؛ فليصم؛ ومن كان مسافرا أو مريضا؛ فقد جعل له أن [ ص: 254 ] يصوم عدة أيام المرض؛ وأيام السفر؛ من أيام أخر؛ ومن نصب " شهر رمضان " ؛ نصبه على وجهين؛ أحدهما أن يكون بدلا من أياما معدودات ؛ والوجه الثاني على الأمر؛ كأنه قال: " عليكم شهر رمضان " ؛ على الإغراء. وقوله - عز وجل -: يريد الله بكم اليسر ؛ أي: أن ييسر عليكم بوضعه عنكم الصوم في السفر؛ والمرض. وقوله - عز وجل -: ولتكملوا العدة ؛ قرئ بالتشديد: " ولتكملوا " ؛ بالتخفيف من " كمل؛ يكمل " ؛ و " أكمل؛ يكمل " ؛ ومعنى اللام والعطف ههنا معنى لطيف؛ هذا الكلام معطوف؛ محمول على المعنى؛ المعنى: فعل الله ذلك ليسهل عليكم؛ ولتكملوا العدة؛ قال الشاعر:


بادت وغير آيهن مع البلى ... إلا رواكد جمرهن هباء

    ومشجج أما سواء قذاله
... فبدا وغير ساره المعزاء



فعطف " مشجج " ؛ على معنى " بها رواكد؛ ومشجج " ؛ لأنه إذ قال: " بادت إلا رواكد " ؛ علم أن المعنى: " بقيت رواكد ومشجج " .

التالي السابق


الخدمات العلمية