معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس ؛ و"أن لك"؛ ويجوز "لا مساس وأن لك"؛ بفتح الميم؛ وكسر السين الآخرة؛ على وزن "دراك"؛ و"تراك"؛ والتأويل أن موسى - عليه السلام - حرم مخالطة السامري ؛ فالمعنى: "إنك في الدنيا لا تخالط جزاء لفعلك".

[ ص: 375 ] فمن قرأ: "لا مساس"؛ بفتح السين الأخيرة؛ فهو منصوب على البدء به؛ ومن قال: "لا مساس"؛ فهو مبني على الكسر؛ وهو نفي؛ وقولك: "مساس"؛ أي: "مساس القوم تأمر بذلك"؛ فإذا قلت: "لا مساس"؛ فهو نفي ذلك؛ وبنيت "مساس"؛ على الكسر؛ وأصلها الفتح لمكان الألف؛ ولكن "مساس"؛ و"دراك"؛ مؤنث؛ فاختير الكسر لالتقاء الساكنين؛ لأنك تقول في المؤنث: "فعلت يا امرأة"؛ و"أعطيتك يا امرأة"؛ وإن لك موعدا لن تخلفه ؛ و"لن تخلفه"؛ فمن قرأ: "لن تخلفه"؛ فالمعنى: "يكافئك الله على ما فعلت في القيامة؛ والله لا يخلف الميعاد"؛ ومن قرأ: "لن تخلفه"؛ فالمعنى: "إنك تبعث؛ وتوافي يوم القيامة؛ لا تقدر على غير ذلك؛ ولن تخلفه".

وقوله - عز وجل -: وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا ؛ و"ظلت"؛ بفتح الظاء؛ وكسرها؛ فمن فتح فالأصل فيها "ظللت"؛ ولكن اللام حذفت لثقل التضعيف؛ والكسر؛ وبقيت الظاء على فتحها؛ ومن قرأ: "ظلت"؛ بالكسر؛ حول كسرة اللام على الظاء؛ وقد يجوز في غير المكسور؛ نحو: "أحست"؛ تريد: "أحسست"؛ وقد حكيت: "همت بذلك"؛ تريد: "هممت"؛ ومعنى "عاكف": مقيم؛ و"عاكفا"؛ منصوب؛ خبر "ظلت"؛ ليس بمنصوب على الحال.

وقوله: لنحرقنه ؛ ويقرأ: "لنحرقنه"؛ أي: لنحرقنه بالنار؛ فإذا شدد فالمعنى: "نحرقه مرة بعد مرة"؛ وقرئت: "لنحرقنه"؛ وتأويله: لنبردنه بالمبرد؛ يقال: "حرقت؛ أحرق؛ وأحرق"؛ إذا بردت الشيء؛ ولم يقرأ: "لنحرقنه"؛ ولو قرئت كانت جائزة.

[ ص: 376 ] وقوله - عز وجل - : ثم لننسفنه في اليم نسفا ؛ "اليم": البحر؛ و"النسف": التذرية.

التالي السابق


الخدمات العلمية