معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله (تعالى): والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ؛ النصب أحسن؛ لأن قبله فعلا؛ المعنى: "وجعلنا البدن؛ فنصب بفعل [ ص: 428 ] مضمر؛ الذي ظهر يفسره؛ وإن شئت رفعت على الاستئناف؛ و"البدن"؛ بتسكين الدال؛ وضمها؛ "بدنة"؛ و"بدن"؛ و"بدن"؛ مثل قوله: "ثمرة"؛ وثمر"؛ و"ثمر"؛ وإنما سميت "بدنة"؛ لأنها تبدن؛ أي: تسمن.

وقوله: فاذكروا اسم الله عليها صواف ؛ "صواف"؛ منصوبة على الحال؛ ولكنها لا تنون؛ لأنها لا تنصرف؛ أي: قد صفت قوائمها؛ أي: فاذكروا اسم الله عليها في حال نحرها؛ والبعير ينحر قائما؛ وهذه الآية تدل على ذلك؛ وتقرأ: "صوافن"؛ و"الصافن": الذي يقوم على ثلاث؛ فالبعير إذا أرادوا نحره تعقل إحدى يديه؛ فهو صافن؛ والجمع "صوافن يا هذا"؛ وقرئت: "صوافي"؛ بالياء؛ وبالفتح؛ بغير تنوين؛ وتفسيره: "خوالص"؛ أي: خالصة لله - عز وجل -؛ لا تشركوا في التسمية على نحرها أحدا.

وقوله: فإذا وجبت جنوبها ؛ أي: إذا سقطت إلى الأرض؛ فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ؛ بتشديد الراء؛ ويجوز "والمعتري"؛ بالياء؛ ويقال: "وجب الحائط؛ يجب؛ وجبة"؛ إذا سقط؛ و"وجب القلب؛ يجب؛ وجبا؛ ووجيبا"؛ إذا تحرك من فزع؛ و"وجب البيع؛ يجب؛ وجوبا؛ وجبة"؛ والمستقبل في ذلك كله "يجب"؛ وقيل في "القانع": الذي يقنع بما تعطيه؛ وقيل: الذي يقنع باليسير؛ وقيل - وهو مذهب أهل اللغة -: السائل؛ يقال: "قنع الرجل؛ قنوعا"؛ إذا سأل؛ فهو قانع؛ وأنشدوا للشماخ :


لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعف من القنوع



أي: أعف من السؤال؛ و"قنع؛ قناعة"؛ إذا رضي؛ فهو "قنع"؛ و"المعتر": الذي [ ص: 429 ] يعتريك؛ فيطلب ما عندك؛ سألك إذ سئلت عن السؤال؛ وكذلك "المعتري".

التالي السابق


الخدمات العلمية