معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله (تعالى): إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم ؛ معنى " الإفك " ؛ ههنا: الكذب؛ وقد سمي بعضهم في الآثار؛ ولم يسموا في [ ص: 34 ] القرآن؛ فممن سمي " حسان بن ثابت " ؛ و " مسطح بن أثاثة " ؛ و " عبد الله بن أبي " ؛ ومن النساء " حمنة بنت جحش " ؛ لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ؛ وقيل: " لكم " ؛ والتي قصدت " عائشة " - رحمها الله -؛ فقيل: " لكم " ؛ يعنى به " هي ومن بسببها؛ من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وأبي بكر - رحمه الله " . وقوله: والذي تولى كبره منهم ؛ ويقرأ: " كبره منهم " ؛ له عذاب عظيم ؛ [ ص: 35 ] فمن قرأ: " كبره " ؛ فمعناه: " من تولى الإثم في ذلك " ؛ ومن قرأ: " كبره " ؛ أراد: معظمه؛ ويروى أن حسان بن ثابت دخل على عائشة؛ فقيل لها: أتدخلين هذا الذي قال الله - عز وجل - فيه: والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ؟ فقالت: " أوليس قد ذهب بصره؟ " ؛ ويروى أنه أنشدها قوله في بيته:


حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل



فقالت له: " لكنك لست كذلك " ؛ وقوله (تعالى): " والخامسة أن غضب الله عليها " ؛ بتخفيف " أن " ؛ ورفع " غضب " ؛ على معنى: " أنه غضب الله عليها " ؛ ويجوز: " أن غضب الله عليها " ؛ وههنا " هاء " ؛ مضمرة؛ و " أن " ؛ مخففة من الثقيلة؛ المعنى: " أنه غضب الله عليها " ؛ و " أنه غضب الله عليها " ؛ قال الشاعر:


في فتية كسيوف الهند قد علموا ...     أن هالك كل من يحفى وينتعل



وجاء في التفسير في قوله: لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ؛ أنه يعنى به عائشة؛ وصفوان بن المعطل؛ ويجوز " لكم " ؛ في معنى: [ ص: 36 ] " لكما " ؛ والذي فسرناه أولا يتضمن أمر عائشة؛ وصفوان؛ والنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وكل من بينه وبين عائشة سبب؛ ويجوز أن يكون لكل من رمي بسبب.

التالي السابق


الخدمات العلمية