معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
[ ص: 62 ] وقوله - عز وجل -: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ؛ هذا احتجاج عليهم في قولهم: مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ؛ فقيل لهم: " كذلك كان من خلا من الرسل؛ يأكل الطعام؛ ويمشي في الأسواق؛ فكيف يكون محمد - صلى الله عليه وسلم - بدعا من الرسل؟ " ؛ فأما دخول " إنهم " ؛ بعد " إلا " ؛ فهو على تأويل: " ما أرسلنا رسلا إلا هم يأكلون الطعام؛ وإلا إنهم ليأكلون الطعام " ؛ وحذفت رسلا لأن " من " ؛ في قوله (تعالى): من المرسلين ؛ دليل على ما حذف منه؛ فأما مثل اللام بعد " إلا " ؛ فقول الشاعر:


ما أنطياني ولا سألتهما ... إلا وإني لحاجز كرمي



يريد: " أعطياني " ؛ وزعم بعض النحويين أن " من " ؛ بعد " إلا " ؛ محذوفة؛ كأن المعنى عنده: " إلا من ليأكلون الطعام " ؛ وهذا خطأ بين؛ لأن " من " ؛ صلتها " إنهم ليأكلون " ؛ فلا يجوز حذف الموصول؛ وتبقية الصلة. وقوله: وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ؛ فيه قولان؛ قيل: كان الرجل الشريف ربما أراد الإسلام؛ فعلم أن من دونه في الشرف قد أسلم قبله؛ فيمتنع من الإسلام؛ لئلا يقال أسلم قبله من هو دونه؛ وقيل: كان الفقير يقول: لم لم أجعل بمنزلة الغني؟! ويقول ذو البلاء: لم لم أجعل بمنزلة المعافى؟! نحو الأعمى؛ والزمن؛ ومن أشبه هؤلاء؛ وقوله (تعالى): أتصبرون وكان ربك بصيرا ؛ [ ص: 63 ] أي: أتصبرون على البلاء؟ فقد عرفتم ما وعد الصابرون.

التالي السابق


الخدمات العلمية