معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وأعلم الله - عز وجل - أن الوقت الذي يرون فيه الملائكة هو يوم القيامة؛ وأن الله قد حرمهم البشرى في ذلك الوقت؛ فقال: يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ؛ " يوم يرون " ؛ منصوب على وجهين؛ أحدهما على معنى: " لا بشرى تكون للمجرمين يوم يرون الملائكة " ؛ و " يومئذ " ؛ هو مؤكد لـ " يوم يرون الملائكة " ؛ ولا يجوز أن يكون منصوبا بقوله: " لا بشرى " ؛ لأن ما اتصل بـ " لا " ؛ لا يعمل فيما قبلها؛ ولكن لما قيل: " لا بشرى للمجرمين " ؛ بين في أي يوم ذلك؛ فكأنه قيل: " يمنعون البشرى يوم يرون الملائكة؛ وهو يوم القيامة " ؛ ويقولون حجرا محجورا ؛ وقرئت: " حجرا " ؛ بضم الحاء؛ والمعنى: " وتقول الملائكة: حجرا محجورا " ؛ أي: " حراما محرما عليهم البشرى " ؛ وأصل " الحجر " ؛ في اللغة: ما حجرت عليه؛ أي: ما منعت من أن يوصل إليه؛ وكل ما منعت منه فقد حجرت عليه؛ وكذلك حجر القضاة على الأيتام؛ إنما هو منعهم إياهم عن التصرف في أموالهم؛ وكذلك " الحجرة " ؛ التي ينزلها الناس؛ هو ما حوطوا عليه؛ ويجوز أن يكون " يوم " ؛ [ ص: 64 ] منصوبا على معنى: " اذكر يوم يرون الملائكة " ؛ ثم أخبر فقال: لا بشرى يومئذ للمجرمين ؛ و " المجرمون " : الذين اجترموا الذنوب؛ وهم في هذا الموضع الذين اجترموا الكفر بالله - عز وجل.

التالي السابق


الخدمات العلمية