معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ؛ معنى " لا تنكحوا " : لا تتزوجوا المشركات؛ ولو قرئت: " ولا تنكحوا المشركات " ؛ كان وجها؛ ولا أعلم أحدا قرأ بها؛ والمعنى في هذا: ولا تتزوجوا المشركات حتى يؤمن؛ ومعنى " المشركات " ؛ ههنا: لكل من كفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ واللغة تطلق على كل كافر؛ إنما يقال له: " مشرك " ؛ وكان التحريم قد نزل في سائر الكفار؛ في تزويج نسائهم من المسلمين؛ ثم أحل تزويج نساء أهل الكتاب من بينهم؛ فقال الله - عز وجل -: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ؛ فإن قال قائل: من أين يقال لمن كفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مشرك؛ وإن قال إن الله - عز وجل - واحد؟ فالجواب في ذلك أنه إذا كفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقد زعم أن ما أتى به من القرآن من عند غير الله - جل ثناؤه -؛ والقرآن إنما هو من عند الله - عز وجل -؛ لأنه يعجز المخلوقين أن يأتوا بمثله؛ فقد زعم أنه قد أتى غير الله بما لا يأتي به إلا الله - عز وجل -؛ فقد أشرك به غيره. [ ص: 296 ] وقوله - عز وجل -: ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ؛ أي: لا تزوجوهم مسلمة؛ وقوله: ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ؛ معناه: وإن أعجبكم؛ إلا أن " لو " ؛ تأتي فتنوب عن " إن " ؛ في الفعل الماضي؛ ومعنى الكلام أن الكافر شر من المؤمن لكم؛ وإن أعجبكم؛ أي: أعجبكم أمره في باب الدنيا؛ لأن الكافر والكافرة يدعوان إلى النار؛ أي: يعملان بأعمال أهل النار؛ فكأن نسلكم يتربى مع من هذه حاله. وقوله - عز وجل -: والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ؛ أي: يدعوكم إلى مخالطة المؤمنين؛ لأن ذلك أوصل لكم إلى الجنة؛ ومعنى " بإذنه " : أي: بعلمه الذي أعلم أنه وصلة لكم إليها؛ ويبين آياته ؛ أي: علاماته؛ يقال: " آية " ؛ و " آي " ؛ و " آيات " ؛ أكثر؛ وعليها أتى القرآن الكريم. وقوله - عز وجل -: لعلهم يتذكرون ؛ معنى " لعل " ؛ ههنا: الترجي لهم؛ أي: ليكونوا هم راجين؛ والله أعلم أيتذكرون أم لا؛ ولكنهم خوطبوا على قدر لفظهم؛ واستعمالهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية