معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ؛ أي: بعزمكم على ألا تبروا؛ وألا تتقوا؛ وأن تعتلوا في ذلك بأنكم قد حلفتم؛ ويقال: " لغوت؛ ألغو؛ لغوا " ؛ و " لغوت ألغى؛ لغوا " ؛ مثل: " محوت؛ أمحو؛ محوا " ؛ و " أمحى " ؛ ويقال: " لغيت في الكلام؛ ألغى؛ لغى " ؛ إذا أتيت بلغو؛ وكل ما لا خير فيه مما يؤثم فيه؛ أو يكون غير محتاج إليه في الكلام؛ فهو لغو؛ ولغى " ؛ قال العجاج :

عن اللغا ورفث التكلم

وجملة الحلف أنه على أربعة أوجه؛ فوجهان منها الفقهاء يجمعون أن [ ص: 300 ] الكفارة فيهما واجبة؛ وهو قولك: " والله لا أفعل " ؛ أو " والله لأفعلن " ؛ ففي هاتين الكفارة؛ إذا آثر أن يخالف ما حلف عليه؛ إذا رأى غيره خيرا منه؛ فهذا فيه الكفارة لا محالة؛ ووجهان أكثر الفقهاء لا يرون فيهما الكفارة؛ وهما قولك: " والله ما قد فعلت " ؛ وقد فعل؛ أو " والله لقد فعلت " ؛ ولم يفعل؛ فهذا هو كذب أكده بيمين؛ فينبغي أن يستغفر الله منه؛ فهذا جملة ما في اليمين؛ ويجوز أن يكون موضع " أن " ؛ رفعا؛ فيكون المعنى: " ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا أولى " ؛ أي: البر والتقى أولى؛ ويكون " أولى " ؛ محذوفا؛ كما جاء حذف أشياء في القرآن؛ لأن في الكلام دليلا عليها؛ يشبه هذا منه: طاعة وقول معروف ؛ أي: طاعة وقول معروف أمثل؛ والنصب في " أن " ؛ والجر؛ مذهب النحويين؛ ولا أعلم أحدا منهم ذكر هذا المذهب؛ ونحن نختار ما قالوه؛ لأنه جيد؛ ولأن الاتباع أحب؛ وإن كان غيره جائزا. وقوله - عز وجل -: والله سميع عليم ؛ معناه في هذا الموضع: يسمع أيمانكم؛ ويعلم ما تقصدون بها.

التالي السابق


الخدمات العلمية