معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ؛ ويقرأ: " ألا يسجدوا " ؛ فمن قرأ بالتشديد؛ فالمعنى: " وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم ألا يسجدوا " ؛ أي: " فصدهم لئلا يسجدوا لله " ؛ وموضع " أن " ؛ نصب بقوله: " فصدهم " ؛ ويجوز أن يكون موضعها جرا؛ وإن حذفت اللام؛ ومن قرأ بالتخفيف فـ " ألا " ؛ لابتداء الكلام؛ والتنبيه؛ والوقوف عليه: " ألا يا " ؛ ثم يستأنف فيقول: " اسجدوا لله " ؛ ومن قرأ بالتخفيف فهو موضع سجدة من القرآن؛ ومن قرأ: " ألا يسجدوا " ؛ بالتشديد؛ فليس بموضع سجدة؛ ومثل قوله: " ألا يا اسجدوا " ؛ بالتخفيف؛ قول ذي الرمة:


ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ... ولا زال منهلا بجرعائك القطر



وقال الأخطل:

ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر ...     تحية من صلى فؤادك بالجمر



وقال العجاج [ ص: 116 ]

يا دار سلمى يا اسلمي ثم اسلمي ...     بسمسم أو عن يمين سمسم



وإنما أكثرنا الشاهد في هذا الحرف كما فعل من قبلنا؛ وإنما فعلوا ذلك لقلة اعتياد العامة لدخول " يا " ؛ إلا في النداء؛ لا تكاد العامة تقول: " يا قد قدم زيد " ؛ ولا " يا اذهب بسلام " . وقوله: لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ؛ كل ما خبأته فهو خبء؛ وجاء في التفسير أن الخبء ههنا القطر من السماء؛ والنبات من الأرض؛ ويجوز - وهو الوجه - أن يكون الخبء كل ما غاب؛ فيكون المعنى: " يعلم الغيب في السماوات والأرض " ؛ ودليل هذا قوله (تعالى): ويعلم ما تخفون وما تعلنون

التالي السابق


الخدمات العلمية