معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: فأقم وجهك للدين حنيفا ؛ " الحنيف " : الذي يميل إلى الشيء؛ فلا يرجع عنه؛ كالحنف في الرجل؛ وهو ميلها إلى خارجها خلقة؛ لا يملك الأحنف أن يرد حنفه؛ وقوله - عز وجل -: فطرت الله التي فطر الناس عليها ؛ " فطرة الله " ؛ منصوب بمعنى: " اتبع فطرة الله " ؛ لأن معنى " فأقم وجهك " : " اتبع الدين القيم اتبع فطرة الله " ؛ ومعنى " فطرة الله " : " خلقة الله التي خلق عليها البشر " ؛ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " كل مولود يولد على الفطرة [ ص: 185 ] حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه " ؛ معناه أن الله - عز وجل - فطر الخلق على الإيمان؛ على ما جاء في الحديث أن الله - جل ثناؤه - أخرج من صلبآدم ذريته كالذر؛ وأشهدهم على أنفسهم بأنه خالقهم؛ قال الله - عز وجل -: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ؛ فكل مولود فهو من تلك الذرية التي شهدت بأن الله خالقها؛ فمعنى " فطرة الله " : " دين الله الذي فطر الناس عليه " . وقوله - عز وجل -: لا تبديل لخلق الله ؛ أكثر ما جاء في التفسير أن معناه: " لا تبديل لدين الله " ؛ وما بعده يدل عليه؛ وهو قوله: ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ؛ أي: لا يعلمون بحقيقة ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية