معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون ؛ معنى " فتمتعوا " : خطاب بعد الإخبار؛ لأنه لما قال: " ليكفروا " ؛ كان خبرا عن غائب؛ فكان المعنى: " فتمتعوا أيها الفاعلون لهذا فسوف تعلمون " ؛ وليس هذا بأمر لازم؛ أمرهم الله به؛ وهو أمر على جهة الوعيد والتهدد؛ وذلك مستعمل في كلام الناس؛ تقول: " إن أسمعتني مكروها فعلت بك وصنعت " ؛ ثم تقول: " افعل بي كذا وكذا فإنك سترى ما ينزل بك " ؛ فليس إذا لم يسمعك كان عاصيا لك؛ فهذا دليل أنه ليس بأمر لازم؛ وكذلك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ؛ [ ص: 187 ] وكذلك: اعملوا ما شئتم ؛ لم يخيروا بين الإيمان؛ والكفر؛ ولكنه جرى على خطاب العباد؛ وحوار العرب؛ الذي تستعمله في المبالغة في الوعيد؛ ألا ترى أن قوله بعد فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها ؟ فهذا مما يؤكد أمر الوعيد.

التالي السابق


الخدمات العلمية