معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ؛ قال ابن عباس: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى؛ فسها كما يسهو الرجال في صلاته؛ وخطرت على باله كلمة؛ فقال المنافقون: إن له قلبين؛ قلبا معكم؛ وقلبا مع أصحابه؛ وأكثر ما جاء في التفسير أن عبد الله بن خطل [ ص: 214 ] كانت قريش تسميه " ذا القلبين " ؛ وروي أنه قال: إن لي قلبين؛ أفهم بكل واحد منهما أكثر مما يفهم محمد؛ فأكذبه الله - عز وجل - فقال: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ؛ ثم قرن بهذا الكلام ما يقوله المشركون غيرهم؛ مما لا حقيقة له؛ فقال - عز وجل -: وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم ؛ وتقرأ: " تظاهرون منهن " ؛ فمن قرأ: " تظاهرون " ؛ بالتخفيف؛ فعلى قولك: " ظاهر الرجل من امرأته " ؛ ومن قرأ: " تظاهرون " ؛ بالتشديد؛ فعلى " تظاهر الرجل من امرأته " ؛ ومعناه أنه قال لها: " أنت علي كظهر أمي " ؛ فأعلم الله - عز وجل - أن الزوجة لا تكون أما؛ وكانت الجاهلية تطلق بهذا الكلام؛ فأنزل الله كفارة الظهار في سورة " المجادلة " . وقوله - عز وجل -: وما جعل أدعياءكم أبناءكم ؛ أي: ما جعل من تدعونه ابنا؛ وليس بولد في الحقيقة؛ ابنا؛ وكانوا يتوارثون على الهجرة؛ ولا يرث الأعرابي من المهاجر؛ وإن كان النسب يوجب له الإرث؛ فأعلم الله أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض؛ وأبطل الإرث بالهجرة؛ وقوله: ذلكم قولكم بأفواهكم ؛ أي: ادعاؤكم نسب من لا حقيقة لنسبه؛ قول بالفم؛ لا حقيقة معنى تحته؛ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ؛ أي: الله لا يجعل الابن غير الابن؛ وهو يهدي السبيل؛ أي: يهدي [ ص: 215 ] السبيل المستقيمة؛ مثل قوله: " فقد ضل سواء السبيل " ؛

التالي السابق


الخدمات العلمية