معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله (تعالى): ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته ؛ " المنسأة " : العصا؛ وإنما سميت " منسأة " ؛ لأنها ينسأ بها؛ ومعنى " ينسأ بها " : يطرد بها؛ ويؤخر بها؛ فلما توفي سليمان توفي وهو متكئ عليها - على عصاه - فلم يعلم الجن بموته حتى أكلت الأرضة العصا؛ حتى خر؛ فلما خر تبينت الجن ؛ موته؛ أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ؛ المعنى: " لأنهم لو كانوا يعلمون ما غاب عنهم؛ ما عملوا مسخرين " ؛ إنما عملوا وهم يظنون أنه حي يقف على عملهم؛ وقال بعضهم: تبينت الإنس الجن؛ أن لو كانوا يعلمون الغيب؛ ويجوز أن يكون " تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب " ؛ والجن تتبين أنها لا تعلم الغيب؛ فكانت توهم أنها تعلم الغيب؛ فتبينت أنه قد بان للناس أنها لا تعلم؛ كما تقول للذي يدعي عندك الباطل إذا تبينت له: " قد بينت أن الذي يقول باطل " ؛ وهو لم يزل يعلم ذلك؛ ولكنك أردت أن توبخه؛ وأن تعلمه أنك قد علمت بطلان قوله.

التالي السابق


الخدمات العلمية