معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وجعلنا من بين أيديهم سدا ؛ و " سدا " ؛ بالفتح والضم؛ ومعناهما واحد؛ وقد قيل: " السد " ؛ فعل الإنسان؛ و " السد " ؛ خلقة المسدود؛ وفيه وجهان: أحدهما قد جاء في التفسير؛ وهو أن قوما أرادوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - سوءا؛ فحال الله بينهم وبين ذلك؛ فجعلوا بمنزلة من هذه حاله؛ فجعلوا بمنزلة من غلت يمينه؛ وسد طريقه من بين يديه؛ ومن خلفه؛ وجعل على بصره غشاوة؛ وهو معنى: فأغشيناهم ؛ ويقرأ: " فأعشيناهم " ؛ بالعين غير معجمة؛ فحال الله بينهم وبين رسوله؛ وكان في هؤلاء أبو جهل؛ فيما يروى؛ ويجوز أن يكون وصف إضلالهم؛ فقال: إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان ؛ أي: أضللناهم؛ فأمسكنا أيديهم عن النفقة في سبيل الله؛ والسعي فيما يقرب إلى الله؛ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ؛ كما قال: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ؛ الآية؛ والدليل على هذا قوله: وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ؛ لأن من أضله الله هذا الإضلال لم ينفعه الإنذار.

التالي السابق


الخدمات العلمية