معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ؛ هذا رجل كان يعبد الله في غار في جبل؛ فلما سمع بالمرسلين جاء يسعى؛ أي: يعدو إليهم؛ فقال: " أتريدون أجرا على ما جئتم به؟ " ؛ فقال المرسلون: " لا " ؛ وكان يقال لهذا الرجل - فيما روي -: " حبيب النجار " ؛ [ ص: 283 ] فأقبل على قومه فقال: يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ؛ إلى قوله: فاسمعون ؛ فأشهد الرسل على إيمانه؛ قال قتادة: " هذا رجل دعا قومه إلى الله ومحضهم النصيحة؛ فقتلوه على ذلك؛ وأقبلوا يرجمونه؛ وهو يقول: اللهم اهد قومي اللهم اهد قومي " ؛ فأدخله الله الجنة؛ فهو حي فيها يرزق؛ والمعنى: " فلما عذبه قومه؛ قيل: " ادخل الجنة " ؛ فلما شاهدها قال: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ؛ أي: بمغفرة ربي لي؛ " من المكرمين " ؛ أي: من المدخلين الجنة؛ وقيل أيضا: " بما غفر لي ربي " ؛ أي: ليتهم يعلمون بالعمل والإيمان الذي غفر لي به ربي؛ ويجوز " بم غفر لي ربي " ؛ على معنى: " بأي شيء غفر لي ربي " ؛ ويجوز أن يكون " بما " ؛ في هذا المعنى بإثبات الألف؛ تقول: " قد علمت بما صنعت هذا " ؛ وقد علمت بم صنعت هذا " ؛ أي: " قد علمت بأي شيء صنعت هذا " ؛ وحذف الألف في هذا المعنى أجود.

التالي السابق


الخدمات العلمية