معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ؛ أي: فيخافون أن يعجل لهم في الدنيا؛ مثل الذي عجل لغيرهم ممن أهلك؛ وأنهم مع ذلك لا يعودون إلى الدنيا أبدا؛ وموضع " كم " ؛ نصب بـ " أهلكنا " ؛ لأن " كم " ؛ لا يعمل فيها ما قبلها؛ خبرا كانت أو استفهاما؛ تقول في الخبر: " كم سرت " ؛ تريد: " سرت فراسخ كثيرة " ؛ ولا يجوز " سرت كم فرسخا " ؛ وذلك أن " كم " ؛ في بابها بمنزلة " رب " ؛ وأن أصلها الاستفهام والإبهام؛ فكما أنك إذا استفهمت فقلت للمخاطب: " كم فرسخا سرت؟ " ؛ لم يجز " سرت كم فرسخا " ؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله؛ فكذلك إذا جعلت " كم " ؛ خبرا؛ فالإبهام قائم فيها؛ و " أنهم " ؛ بدل من معنى ألم يروا كم أهلكنا ؛ والمعنى: " ألم يروا أن القرون التي أهلكنا أنهم لا يرجعون " ؛ ويجوز: " إنهم لا يرجعون " ؛ بكسر " إن " ؛ ومعنى ذلك الاستئناف؛ المعنى: " هم إليهم لا يرجعون " .

التالي السابق


الخدمات العلمية