معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
فاطلع فرآه في سواء الجحيم ؛ فاطلع المسلم؛ فرأى قرينه الذي كان يكذب بالبعث؛ في سواء الجحيم؛ أي: في وسط الجحيم؛ وسواء كل شيء: وسطه؛ ويقرأ: " هل أنتم مطلعون " ؛ بفتح النون؛ وكسرها؛ وتخفيف الطاء؛ فمن فتح النون مع التخفيف فقال: " مطلعون " ؛ فهو بمعنى: " طالعون " ؛ و " مطلعون " ؛ يقال: " طلعت عليهم " ؛ و " اطلعت " ؛ و " اطلعت " ؛ بمعنى؛ ومن قرأ: " مطلعون " ؛ بكسر النون؛ قرأ " فأطلع " ؛ ومن قرأ بفتح النون؛ " مطلعون " ؛ وجب أن يقرأ: " فأطلع " ؛ ويجوز: " فأطلع " ؛ على معنى: " هل أنتم مطلعون [ ص: 305 ] أحدا " ؛ فأما الكسر للنون فهو شاذ عند البصريين والكوفيين جميعا؛ وله عند الجماعة وجه ضعيف؛ وقد جاء مثله في الشعر:


هم القائلون الخير والآمرونه ... إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما



وأنشدوا:


وما أدري وظني كل ظني ...     أمسلمني إلى قومي شراح



والذي أنشدنيه محمد بن يزيد: " أيسلمني إلى قومي " ؛ وإنما الكلام: " أمسلمي " ؛ و " أيسلمني " ؛ وكذلك " هم القائلون الخير والآمروه " ؛ وكل أسماء الفاعلين إذا ذكرت بعدها المضمر لم تذكر النون؛ ولا التنوين؛ تقول: " زيد ضاربي " ؛ و " هما ضارباك " ؛ ولا يجوز " هو ضاربني " ؛ ولا " هم ضاربونك " ؛ ولا يجوز " هم ضاربونك " ؛ عندهم؛ إلا في الشعر؛ إلا أنه قد قرئ بالكسر: " هل أنتم مطلعون " ؛ على معنى " مطلعوني " ؛ فحذفت الياء؛ كما تحذف في رؤوس الآي؛ وبقيت الكسرة دليلا عليها؛ وهو في النحو - أعني كسر النون - على ما أخبرتك؛ والقراءة قليلة بها؛ وأجود القراءة وأكثرها: " مطلعون " ؛ بتشديد الطاء؛ وفتح النون؛ ثم الذي يليه: " مطلعون " ؛ بتخفيف الطاء؛ وفتح النون.

التالي السابق


الخدمات العلمية