معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
ولما ذكر الله - جل وعز - فرض الصلاة؛ والزكاة؛ والطلاق؛ والحيض؛ والإيلاء؛ والجهاد؛ وأقاصيص الأنبياء؛ والدين؛ والربا؛ ختم السورة بذكر تعظيمه؛ وذكر تصديق نبيه - صلى الله عليه وسلم -؛ والمؤمنين بجميع ذلك؛ فقال: آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه والمؤمنون ؛ أي: صدق الرسول بجميع هذه الأشياء التي جرى ذكرها؛ وكذلك المؤمنون؛ كل آمن بالله ؛ أي: صدق بالله؛ وملائكته وكتبه ؛ وقرأ ابن عباس : " وكتابه " ؛ وقرأته جماعة من القراء؛ فأما " كتب " ؛ فجمع " كتاب " ؛ مثل: " مثال " ؛ و " مثل " ؛ و " حمار " ؛ و " حمر " ؛ وقيل لابن عباس في قراءته: " وكتابه " ؛ فقال: " كتاب " ؛ أكثر من " كتب " ؛ ذهب به إلى اسم الجنس؛ [ ص: 369 ] كما تقول: " كثر الدرهم في أيدي الناس " ؛ ومعنى: لا نفرق بين أحد من رسله ؛ أي: لا نفعل كما فعل أهل الكتاب قبلنا؛ الذين آمنوا ببعض الرسل؛ وكفروا ببعض؛ نحو كفر اليهود بعيسى؛ وكفر النصارى بغيره؛ فأخبر عن المؤمنين أنهم يقولون: لا نفرق بين أحد من رسله. وقوله - عز وجل -: وقالوا سمعنا وأطعنا ؛ أي: سمعنا سمع قابلين؛ و " أطعنا " : قبلنا ما سمعنا؛ لأن من سمع فلم يعمل؛ قيل له: " أصم " ؛ كما قال - جل وعز -: صم بكم عمي ؛ ليس لأنهم لا يسمعون؛ ولكنهم صاروا في ترك القبول بمنزلة من لا يسمع؛ قال الشاعر:


أصم عما ساءه سميع



ومعنى: غفرانك ربنا وإليك المصير أي: اغفر غفرانك؛ و " فعلان " ؛ من أسماء المصادر؛ نحو: " السلوان " ؛ و " الكفران " ؛ ومعنى: وإليك المصير أي: نحن مقرون بالبعث .

التالي السابق


الخدمات العلمية