معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: وأنـزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس ؛ أي: من قبل القرآن؛ وقد اختلف النحويون في " توراة " ؛ فقال الكوفيون: " توراة " ؛ يصلح أن يكون " تفعلة " ؛ من " وريت بك زنادي " ؛ فالأصل عندهم " تورية " ؛ إلا أن الياء قلبت ألفا لتحركها؛ وانفتاح ما قبلها؛ و " تفعلة " ؛ لا تكاد توجد في الكلام؛ إنما قالوا في " تتفلة " : " تتفلة " ؛ وقال بعضهم: يصلح أن يكون " تفعلة " ؛ مثل " توصية " ؛ ولكن قلبت من " تفعلة " ؛ [ ص: 375 ] إلى " تفعلة " ؛ وكأنه يجيز في " توصية " ؛ " توصاة " ؛ وهذا رديء؛ ولم يثبت في " توفية " ؛ " توفاة " ؛ ولا في " توقية " ؛ " توقاة " ؛ وقال البصريون: أصلها " فوعلة " ؛ و " فوعلة " ؛ كثير في الكلام؛ مثل: " الحوقلة " ؛ و " دوخلة " ؛ وما أشبه ذلك؛ وكل ما قلت فيه: " فوعلت " ؛ فمصدره " فوعلة " ؛ فأصلها عندهم: " وورية " ؛ ولكن الواو الأولى قلبت تاء؛ كما في " تولج " ؛ وإنما هو " فوعل " ؛ من " ولجت " ؛ وكما قلبت في " تراث " ؛ الياء الأخيرة؛ قلبت أيضا؛ لتحركها؛ وانفتاح ما قبلها بإجماع.

و " إنجيل " : " إفعيل " ؛ من " النجل " ؛ وهو الأصل؛ هكذا يقول جميع أهل اللغة في " إنجيل " .

ومعنى: من قبل هدى للناس أي: من قبل القرآن؛ ومعنى وأنـزل الفرقان ؛ أي: ما فرق به بين الحق والباطل؛ وروي عن بعض المفسرين أن كل كتاب لله " فرقان " ؛ ومعنى: والله عزيز ذو انتقام أي: قد ذل له كل شيء؛ بأثر صنعته فيه؛ ومعنى " ذو انتقام " : أي: ذو أنقام ممن كفر به؛ لأن ذكر الكافرين ههنا جرى.

التالي السابق


الخدمات العلمية