معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
فنادوا ولات حين مناص ؛ [ ص: 320 ] جاء في التفسير: " ولات حين نداء " ؛ وقال أهل اللغة: " ولات حين منجى " ؛ و " لا فوت " ؛ يقال: " ناصه؛ ينوصه " ؛ إذا فاته؛ وفي التفسير: " لات حين نداء " ؛ معناه: " لات حين نداء ينجي " ؛ ويجوز: " لات حين مناص " ؛ والرفع جيد؛ والوقف عليها " لات " ؛ بالتاء؛ والكسائي يقف بالهاء: " لاه " ؛ لأنه يجعلها هاء التأنيث؛ وحقيقة الوقف عليها بالتاء؛ وهذه التاء نظيرة التاء في الفعل في قولك: " ذهبت؛ وجلست " ؛ وفي قولك: " رأيت زيدا ثمت عمرا " ؛ فتاء الحروف بمنزلة تاء الأفعال؛ لأن التاء في الموضعين دخلت على ما لا يعرب؛ ولا هو في طريق الأسماء؛ فإن قال قائل: نجعلها بمنزلة قولهم: " كان من الأمر ذيه " ؛ و " ذيه " ؛ فهذه هاء في الوقف؛ وهذه هاء دخلت على اسم لا يعرب؛ وقد أجازوا الخفض؛ فقالوا: " لات أوان " ؛ وأنشدوا لأبي زبيد:


طلبوا صلحنا ولات أوان ... فأجبنا أن ليس حين بقاء



والذي أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد؛ ورواه:

طلبوا صلحنا ولات أوان

وذكر أنه قد روي الكسر؛ فأما النصب فعلى أنها عملت عمل " ليس " ؛ المعنى: " وليس الوقت حين مناص " ؛ ومن رفع بها جعل " حين " ؛ اسم " ليس " ؛ وأضمر الخبر على معنى: " ليس حين منجى لنا " ؛ ومن خفض جعلها مبنية مكسورة لالتقاء الساكنين؛ كما قالوا: " قد لك " ؛ فبنوه على الكسر. [ ص: 321 ] والمعنى: " ليس حين مناصنا وحين منجانا " ؛ فلما قال: " ولات أوان " ؛ جعله على معنى: " ليس حين أواننا " ؛ فلما حذف المضاف بني على الوقف؛ ثم كسر لالتقاء الساكنين؛ والكسر شاذ شبيه بالخطإ عند البصريين؛ ولم يرو سيبويه؛ والخليل الكسر؛ والذي عليه العمل النصب؛ والرفع؛ وقال الأخفش: إن " لات حين مناص " ؛ نصبها بـ " لا " ؛ كما تقول: " لا رجل في الدار " ؛ ودخلت التاء للتأنيث.

التالي السابق


الخدمات العلمية