معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وأشرقت الأرض بنور ربها ؛ معناها: لما أراد الله الحساب؛ والمجازاة؛ أشرقت الأرض؛ وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قيل له: أنرى ربنا يا رسول الله؟ فقال: " أتضارون في رؤية الشمس والقمر في غير سحاب؟ " ؛ قالوا: لا؛ قال: " فإنكم لا تضارون في رؤيته " . [ ص: 363 ] وجاء في الحديث: " لا تضامون في رؤيته " ؛ والذي جاء في الحديث مخفف " تضارون " ؛ و " تضامون " ؛ وله وجه حسن في العربية؛ وهذا موضع يحتاج إلى أن يستقصى تفسيره؛ لأنه أصل في السنة والجماعة؛ ومعناه: " لا ينالكم ضير؛ ولا ضيم في رؤيته " ؛ أي: " ترونه حتى تستووا في الرؤية؛ فلا يضيم بعضكم بعضا؛ ولا يضير بعضكم بعضا " ؛ وقال أهل اللغة قولين آخرين؛ قالوا: " لا تضارون " ؛ بتشديد الراء؛ و " لا تضامون " بتشديد الميم؛ مع ضم التاء في " تضامون " ؛ و " تضارون " ؛ وقال بعض أهل اللغة - بفتح التاء؛ وتشديد الراء -: " تضارون في رؤيته " ؛ و " لا تضامون " ؛ على معنى: " تتضارون " ؛ و " تتضامون " ؛ وتفسير هذا أنه لا يضام بعضكم بعضا؛ ولا يخالف بعضكم بعضا في ذلك؛ يقال: " ضاررت الرجل؛ أضاره؛ مضارة؛ وضرارا " ؛ إذا خالفته؛ قال نابغة بني جعدة:


وخصمي ضرار ذوي تدرإ ... متى يأت سلمها يشغب



ومعنى " لا تضامون في رؤيته " : لا ينضم بعضكم إلى بعض؛ ويقول واحد للآخر: أرنيه؛ كما تفعلون عند النظر إلى الهلال؛ فهذا تفسير بين؛ وكل ما قيل في هذا " وأشرقت الأرض " : ألبست الإشراق بنور الله.

التالي السابق


الخدمات العلمية