معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ؛ أي: بينت؛ أأعجمي وعربي ؛ وتقرأ: " أأعجمي " ؛ بهمزتين؛ و " أعجمي " ؛ بهمزة واحدة؛ وبهمزة بعدها مخففة؛ تشبه الألف؛ ولا يجوز أن يكون ألفا خالصة؛ لأن بعدها العين؛ وهي ساكنة؛ وتقرأ: " أعجمي وعربي " ؛ بهمزة واحدة؛ وفتح العين؛ وقرأ الحسن: " أعجمي " ؛ بهمزة وسكون العين؛ والذي جاء في التفسير أن المعنى: " ولو جعلناه قرآنا أعجميا؛ لقالوا: لولا - هلا - بينت آياته؛ أقرآن أعجمي ونبي عربي؟! " ؛ فمن قرأ: " آعجمي " ؛ فهمزة وألف؛ فإنه منسوب إلى اللسان الأعجم؛ تقول: " هذا رجل أعجمي " ؛ إذا كان لا يفصح؛ إن كان من العجم؛ أو من العرب؛ وتقول: " هذا رجل عجمي " ؛ إذا كان من الأعاجم؛ فصيحا كان أم غير فصيح؛ ومثل ذلك: " هذا رجل أعرابي " ؛ إذا كان من أهل البادية؛ وكان جنسه من العرب؛ أو من غير العرب؛ والأجود في القرآن: " آعجمي " ؛ بهمزة وألف؛ على جهة النسبة إلى الأعجم؛ ألا ترى قوله: ولو جعلناه قرآنا أعجميا ؛ ولم يقرأ أحد: " عجميا " ؛ فأما قراءة الحسن - أعني: " أعجمي " ؛ بإسكان العين - لا على معنى الاستفهام؛ ولكن على معنى " هلا بينت آياته " ؛ فجعل بعضه بيانا للعجم؛ وبعضه بيانا للعرب؛ وكل هذه الأوجه الأربعة سائغ في العربية؛ وعلى ذلك تفسيره. [ ص: 390 ] وقوله - عز وجل -: قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ؛ يعني القرآن؛ والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر ؛ أي: هم في ترك القبول بمنزلة من في أذنه صمم؛ وهو عليهم عمى ؛ ويقرأ: " وهو عليهم عم " ؛ بكسر الميم؛ والتنوين؛ ويجوز: " وهو عليهم عمي " ؛ بإثبات الياء وفتحها؛ ولا يجوز إسكان الياء؛ وترك التنوين؛ أولئك ينادون من مكان بعيد ؛ يعني من قسوة قلوبهم يبعد عنهم ما يتلى عليهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية