معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ؛ معناه: فاضربوا الرقاب ضربا؛ منصوب على الأمر؛ وتأويله: فإذا لقيتم الذين كفروا فاقتلوهم؛ ولكن أكثر مواقع القتل ضرب العنق؛ فأعلمهم الله - عز وجل - كيف القصد؛ وكيف قال: واضربوا منهم كل بنان ؛ أي: فليس يتوهم بهذا أن الضرب محظور إلا على الرقبة فقط. وقوله - عز وجل -: حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق ؛ "أثخنتموهم": أكثرتم فيهم القتل؛ كما قال: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ؛ فالأسر بعد المبالغة في القتل؛ ثم قال: فإما منا بعد وإما فداء ؛ أي: بعد أن تأسروهم؛ إما مننتم عليهم منا؛ وإما أطلقتموهم بفداء؛ وقوله: حتى تضع الحرب أوزارها ؛ "حتى"؛ موصولة بالقتل والأسر؛ المعنى فاقتلوهم وأسروهم؛ حتى تضع الحرب أوزارها؛ والتفسير: حتى يؤمنوا ويسلموا؛ فلا يجب أن تحاربوهم؛ فما دام الكفر فالجهاد والحرب قائمة أبدا؛ وقوله: ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ؛ [ ص: 7 ] "ذلك"؛ في موضع رفع؛ المعنى: "الأمر ذلك"؛ ويجوز أن يكون منصوبا على معنى "افعلوا ذلك"؛ ولو يشاء الله لانتصر منهم ؛ أي: لو يشاء الله لعذبهم؛ وأهلكهم؛ لأنه قادر على ذلك؛ ولكن ليبلو بعضكم ببعض ؛ المعنى ولكن أمركم بالحرب ليبلو بعضكم ببعض؛ أي: ليمحص الله المؤمنين؛ ويمحق الكافرين؛ وقوله: والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم ؛ ذكر في أول السورة: الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم ؛ وأعلم أن الذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم؛ ويقرأ على أربعة أوجه: "قاتلوا في سبيل الله"؛ و"قتلوا في سبيل الله"؛ على ما لم يسم فاعله؛ ويقرأ: "قتلوا"؛ بتشديد التاء؛ ويقرأ: "قتلوا في سبيل الله"؛ بفتح القاف.

التالي السابق


الخدمات العلمية