معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: مالك يوم الدين ؛ القراءة الخفض؛ على مجرى " الحمد لله مالك يوم الدين " ؛ وإن نصب - في [ ص: 47 ] الكلام - على ما نصب عليه " رب العالمين " ؛ و " الرحمن الرحيم " ؛ جاز في الكلام؛ فأما في القراءة فلا أستحسنه فيها ، وقد يجوز أن تنصب " رب العالمين " ؛ و " مالك يوم الدين " ؛ على النداء؛ في الكلام؛ كما تقول: " الحمد لله يا رب العالمين؛ ويا مالك يوم الدين " ؛ كأنك بعد أن قلت: " الحمد لله " ؛ قلت: " لك الحمد يا رب العالمين؛ ويا مالك يوم الدين " ؛ وقرئ: " ملك يوم الدين " ، و " مالك يوم الدين " ؛ وإنما خص يوم الدين - والله - عز وجل - يملك كل شيء -؛ لأنه اليوم الذي يضطر فيه المخلوقون إلى أن يعرفوا أن الأمر كله لله ، ألا تراه يقول: " لمن الملك اليوم " ؛ وقوله: " يوم لا تملك نفس لنفس شيئا " ؟ فهو اليوم الذي لا يملك فيه أحد لنفسه؛ ولا لغيره نفعا؛ ولا ضرا.

ومن قرأ مالك يوم الدين ؛ فعلى قوله: " لمن الملك اليوم " ؛ وهو بمنزلة: " من المالك اليوم؟ " ؛ ومن قرأ " ملك يوم الدين " ؛ فعلى معنى " ذو المملكة في يوم الدين " ، وقيل: إنها قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم.

وقوله - عز وجل -: يوم الدين ؛ " الدين " ؛ في اللغة: الجزاء ، يقال: " كما تدين تدان " ، المعنى: كما تعمل تعطى؛ وتجازى ، قال الشاعر: [ ص: 48 ]


واعلم وأيقن أن ملكك زائل ... واعلم بأن كما تدين تدان



أي: تجازى بما تعمل ، و " الدين " ؛ أيضا في اللغة: العادة ، تقول العرب: " ما زال ذلك ديني " ، أي: عادتي؛ قال الشاعر:


تقول إذا درأت لها وضيني ...     أهذا دينه أبدا وديني



التالي السابق


الخدمات العلمية