معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ؛ وقد قرئت: "أو يسلموا"؛ فالمعنى: "تقاتلونهم حتى يسلموا"؛ و"إلا أن يسلموا؛ فإن قال قائل: قد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم: لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ؛ فكيف جاز أن يقول: ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ؛ فإنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأن الله أعلمه أنهم منافقون؛ وأعلمه مع ذلك أنهم لا يقاتلون معه؛ وجاء في التفسير أنه عني بقوله: ستدعون إلى قوم أولي بأس ؛ بنو حنيفة؛ وأبو بكر - رحمه الله - قاتلهم في أيام مسيلمة؛ وجاء أيضا: هوازن؛ والمعنى أن كل من ظاهره الإسلام فعلى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعوهم إلى الجهاد؛ والصحابة لم يطلعوا في وقت الجهاد على من يقاتل ومن لا يقاتل؛ ولا على من ينافق ومن لا ينافق؛ لأن الإظهار على ذلك من آيات الأنبياء - عليهم السلام -؛ وقد قيل: إلى قوم أولي بأس شديد ؛ أي: إلى فارس؛ والروم؛ وذلك في أيام أبي بكر؛ وعمر - رحمة الله عليهما - ومن بعدهما. [ ص: 25 ] فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا ؛ أي: إن تبتم وتركتم النفاق وجاهدتم؛ يؤتكم الله أجرا حسنا؛ وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما ؛ أي: إن أقمتم على نفاقكم؛ وأعرضتم عن الإيمان والجهاد؛ كما توليتم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعذبكم عذابا أليما؛

التالي السابق


الخدمات العلمية