معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا ؛ ويقرأ: "فتثبتوا أن تصيبوا"؛ قوما بجهالة ؛ جاء في التفسير أنها نزلت بسبب الوليد بن عقبة؛ وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه ساعيا؛ يجبي صدقات بني المصطلق؛ وكان بينه وبينهم إحنة؛ أي: عداوة؛ [ ص: 34 ] فلما اتصل بهم خبره؛ وقد خرج نحوهم؛ قال بعضهم لبعض: قد علمتم ما بيننا وبين هذا الرجل؛ فامنعوه صدقاتكم؛ فاتصل به ذلك؛ فرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنهم منعوه الصدقة؛ وأنهم ارتدوا؛ وأعدوا السلاح للحرب؛ فوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخالد بن الوليد؛ ومعه جيش؛ وتقدم إليه أن ينزل بعقوتهم ليلا؛ فإن رأى ما يدل على إقامتهم على الإسلام من الأذان؛ والصلاة؛ والتهجد؛ أمسك عن محاربتهم؛ وطالبهم بصدقاتهم؛ فلما صار خالد إليهم ليلا؛ سمع النداء بالصلاة؛ ورآهم يصلون؛ ويتهجدون؛ وقالوا له: قد استبطأنا رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقات؛ وسلموها إليه؛ فأنزل الله - عز وجل - إن جاءكم فاسق بنبإ ؛ أي: بخبر فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ؛ أي: كراهة أن تصيبوا قوما بجهالة؛ وهذا دليل أنه لا يجوز أن يقبل خبر من فاسق؛ وإن تبين؛ وأن الثقة يجوز قبول خبره؛ و"الثقة": من لم تجرب عليه شهادة زور؛ ولا يعرف بفسق؛ ولا جلد في حد؛ وهو مع ذلك صحيح التمييز.

التالي السابق


الخدمات العلمية