معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - جل وعز -: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ؛ " آدم " ؛ قد بينا أنه ينصرف؛ وأن اسمه مأخوذ من " أديم الأرض " ؛ وهو وجهها؛ ولذا يقال لذي اللون الذي يشبه لون الأرض " آدم " ؛ و خلقه من تراب ؛ ليست بمتصلة ب " آدم " ؛ إنما هو مبين قصة آدم؛ ولا يجوز في الكلام أن تقول: " مررت بزيد قام " ؛ لأن زيدا معرفة؛ لا يتصل به " قام " ؛ ولا يوصل به؛ ولا يكون حالا؛ لأن الماضي لا يكون حالا أتت فيها؛ ولكنك تقول: " مثلك مثل زيد " ؛ تريد أنك تشبهه في فعله؛ ثم تخبر بقصة زيد؛ فتقول: " فعل كذا وكذا " ؛ وإنما قيل: إن مثله كمثل آدم لأن الله أنشأ آدم من غير أب؛ خلقه من تراب؛ فكما خلق آدم من غير أب كذلك خلق عيسى - عليه السلام -؛ ويروى في التفسير أن قوما من نصارى نجران صاروا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالوا له: إنك سببت صاحبنا؛ قال: " ومن صاحبكم؟ " ؛ قالوا: عيسى؛ قال: " وما قلت فيه؟ " ؛ قالوا: قلت: إنه عبد؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: " ما ذلك بعار على أخي؛ ولا نقيصة؛ هو عبد؛ وأنا عبد " ؛ قالوا: فأرنا مثله؛ فأنزل الله - تبارك وتعالى -: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ؛ إلى آخر الآية.

التالي السابق


الخدمات العلمية