معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: أفغير دين الله يبغون ؛ أي: أفغير دين الله يطلبون؟ لأنه قد بين أنه دين الله؛ وأنهم كفروا؛ وعاندوا؛ وحسدوا؛ بغيا؛ كما فعل إبليس؛ وقوله - عز وجل -: وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ؛ جاء في التفسير أنه أسلم من في السماوات كلهم طوعا؛ وأسلم بعض من في الأرض طوعا؛ وبعض كرها؛ لما كانت السنة فيمن فرض قتاله من المشركين أن يقاتل حتى يسلم؛ سمي ذلك " كرها " ؛ وإن كان يسلم حين يسلم طائعا؛ إلا أن الوصلة كانت إلى ذلك بكره؛ ونصب " طوعا " ؛ مصدرا؛ وضع موضع الحال؛ كأنه: أسلموا طائعين؛ ومكرهين؛ كما تقول: " جئتك ركضا؛ ومشيا " ؛ و " جئت راكضا؛ وماشيا " ؛ ويجوز أن يكون - والله أعلم - على معنى: " وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها " ؛ أي: خضعوا من جهة ما فطرهم عليه؛ ودبرهم به؛ [ ص: 439 ] لا يمتنع ممتنع من جبلة جبل عليها؛ ولا يقدر على تغييرها؛ أحب تلك الجبلة أو كرهها؛ وإليه يرجعون ؛ يدل على تصديق هذا القول؛ لأن المعنى: إنه بدأكم على إرادته؛ شئتم أو أبيتم؛ وهو يبعثكم كما بدأكم؛ فالتأويل: " أتبغون غير الدين الذي هذه صفته؟ " ؛

التالي السابق


الخدمات العلمية