معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: والذين يظاهرون ؛ الآية؛ "الذين"؛ رفع بالابتداء؛ وخبرهم "فعليهم تحرير رقبة"؛ ولم يذكر "عليهم"؛ لأن في الكلام دليلا عليه؛ وإن شئت أضمرت "فكفارتهم تحرير رقبة"؛ من قبل أن يتماسا ؛ فاختلف أهل العلم؛ فقال بعضهم: "الكفارة للمسيس"؛ وقال بعضهم: إذا أراد العود إليها؛ والإقامة؛ مس أو لم يمس؛ كفر. [ ص: 135 ] وقوله - عز وجل -: ذلكم توعظون به ؛ المعنى: "ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به"؛ وقال بعض الناس: لا تجب الكفارة حتى يقول ثانية: "أنت علي كظهر أمي"؛ وهذا قول من لا يدري اللغة؛ وهو خلاف قول أهل العلم أجمعين؛ إنما المعنى: "ثم يعودون العودة التي من أجل القول؛ فلتلك العودة تلزم الكفارة"؛ لا لكل عودة؛ وفيها قول آخر للأخفش؛ وهو أن يجعل "لما قالوا"؛ من صلة فتحرير رقبة؛ فالمعنى عنده: "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون فتحرير رقبة لما قالوا"؛ فهذا مذهب حسن أيضا؛ والدليل على بطلان هذا القائل أن "ثم يعودون لما قالوا"؛ أن يقول ثانية: "أنت علي كظهر أمي"؛ قول جميع أهل العلم؛ ومتابعته هو إياهم: للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا ؛ فأجمعوا أنه ليس فإن فاءوا ؛ فإن حلفوا ثانية؛ ومعنى "فاؤوا"؛ في اللغة؛ و"عادوا"؛ معنى واحد؛ وقوله: من قبل أن يتماسا ؛ كناية عن الجماع؛ ودليل ذلك قوله: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ؛ فالمعنى: "من قبل أن تدخلوا بهن".

التالي السابق


الخدمات العلمية