معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ؛ وقرئت: "الجمعة"؛ بإسكان الميم؛ ويجوز في اللغة: "الجمعة"؛ بفتح الميم؛ ولا ينبغي أن يقرأ بها إلا أن تثبت بها رواية عن إمام من القراء؛ فمن قرأ: "الجمعة"؛ فهو تخفيف "الجمعة"؛ لثقل الضمتين؛ ومن قال في غير القراءة: "الجمعة"؛ فمعناه: التي تجمع الناس؛ كما تقول: "رجل لعنة"؛ أي: يكثر لعن الناس؛ و"رجل ضحكة"؛ يكثر الضحك؛ وقوله: فاسعوا إلى ذكر الله ؛ معناه: فاقصدوا إلى ذكر الله؛ وليس معناه العدو؛ وقرأ ابن مسعود: "فامضوا إلى ذكر الله"؛ وقال: "لو كانت "فاسعوا"؛ لسعيت حتى يسقط ردائي"؛ وكذلك قرأ أبي بن كعب: "فامضوا"؛ وقد رويت عن عمر بن الخطاب؛ ولكن اتباع المصحف أولى؛ ولو كانت عند عمر "فامضوا"؛ لا غير؛ لغيرها في المصحف؛ والدليل على أن معنى "السعي": التصرف في كل عمل؛ قول الله - عز وجل -: [ ص: 172 ] وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ؛ فلا اختلاف في أن معناه: "وأن ليس للإنسان إلا ما عمل". وقوله - عز وجل -: وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ؛ فالبيع من وقت الزوال في يوم الجمعة إلى انقضاء الصلاة؛ كالمحرم.

التالي السابق


الخدمات العلمية