معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ؛ موضع " ما " : مفعول به؛ وتأويله أن جميع ما في الأرض منعم به عليكم؛ فهو لكم؛ وفيه قول آخر: إن ذلكم دليل على توحيد الله - عز وجل. وقوله - عز وجل -: ثم استوى إلى السماء ؛ فيه قولان: قال بعضهم: " استوى إلى السماء " : عمد؛ وقصد إلى السماء؛ كما تقول: " قد فرغ الأمير من بلد كذا وكذا؛ ثم استوى إلى بلد كذا " ؛ معناه: قصد بالاستواء إليه؛ وقد قيل أيضا: " استوى " : أي صعد أمره إلى السماء؛ وهذا قول ابن عباس ؛ و " السماء " ؛ لفظها لفظ الواحد؛ ومعناها معنى الجمع؛ والدليل على ذلك قوله: فسواهن سبع سماوات ؛ ويجوز أن يكون " السماء " ؛ جمعا؛ كما أن السموات جمع؛ كأن واحده " سماة " ؛ و " سماوة " ؛ و " سماء " ؛ للجميع؛ وزعم أبو الحسن الأخفش أن " السماء " ؛ جائز أن يكون واحدا يراد به [ ص: 108 ] الجمع؛ كما تقول: " كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس " ؛ و " السماء " ؛ في اللغة السقف؛ ويقال لكل ما ارتفع وعلا: " قد سما يسمو " ؛ وكل سقف فهو سماء يا فتى؛ ومن هذا قيل للسحاب؛ لأنها عالية.

التالي السابق


الخدمات العلمية