معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ؛ [ ص: 185 ] قيل في بعض التفسير: إنهم سألوا فقالوا: قد عرفنا عدة التي تحيض؛ فما عدة التي لا تحيض؛ والتي لم تحض؟ فقيل: إن ارتبتم؛ أي: إذا ارتبتم؛ فعدتهن ثلاثة أشهر؛ والذي يذهب إليه مالك؛ واللغة تدل عليه؛ أن معناه: "إن ارتبتم في حيضها؛ وقد انقطع عنها الحيض؛ وكانت ممن يحيض مثلها؛ فعدتها ثلاثة أشهر"؛ وذلك بعد أن تترك تسعة أشهر بمقدار الحمل؛ ثم تعتد بعد ذلك ثلاثة أشهر؛ فإن حاضت في هذه الثلاثة الأشهر تمت ثلاث حيض؛ وجائز أن يتأخر هذا الحيض؛ فيكون كلما قاربت أن تخرج من الثلاثة حاضت؛ فهذا مذهب مالك؛ وهو الذي يروى عن عمر - رحمه الله -؛ وقال أهل العراق: تترك ولو بلغت في ذلك أكثر من ثلاثين سنة؛ ولو بلغت إلى السبعين؛ يعنون حتى تبلغ مبلغ من لا تحيض؛ وقالوا: ولو شاء الله لابتلاها بأكثر من ذلك؛ وكذلك في قوله: واللائي لم يحضن ؛ معناه عند مالك معناه: إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر؛ واليائسة عند مالك وغيره بإجماع التي قد يئست من المحيض؛ فلا ارتياب في أمرها أنها لا تحيض؛ تعتد ثلاثة أشهر؛ ولم يأت في القرآن النص على ذلك؛ ولكن في القرآن دليل عليه؛ وأنا أبينه؛ إن شاء الله؛ فأما الصغيرة التي لا يوطأ مثلها فإن دخل بها ووطئها مكانه فإنما عقرها؛ ولا عدة عند مالك عليها؛ إلا أن يكون مثلها يستقيم أن يوطأ؛ وإنما هي عنده في عداد من لم يدخل بها؛ والذي في القرآن يدل على أن اليائسة التي لا يرتاب فيها يجب أن تعتد ثلاثة أشهر؛ لقوله: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ؛ فمعناه: واللائي لا يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر؛ فقياس "اللائي لا يحضن"؛ قياس "اللائي لم يحضن"؛ [ ص: 186 ] فلم يحتج إلى ذكر ذلك؛ وإذا كان عدة المرتاب بها ثلاثة أشهر؛ فالتي لا يرتاب بها أولى بذلك. قوله (تعالى): وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ؛ معناه: أجلهن في الانقطاع فيما بينهن وبين الأزواج أن يضعن حملهن.

التالي السابق


الخدمات العلمية