معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون ؛ "أوسطهم": أعدلهم؛ من قوله: وكذلك جعلناكم أمة وسطا ؛ أي: عدلا؛ لولا تسبحون ؛ قال لهم: استثنوا في يمينكم؛ لأنهم أقسموا ليصرمنها مصبحين؛ [ ص: 209 ] ولم يستثنوا؛ ومعنى التسبيح ههنا: الاستثناء؛ وهو أن يقول: "إن شاء الله"؛ فإذا قال قائل: "التسبيح": أن يقول: "سبحان الله"؛ فالجواب في ذلك أن كل ما عظمت الله به فهو تسبيح؛ لأن التسبيح في اللغة - فيما جاء عن النبي - عليه السلام -: تنزيه الله عن السوء؛ فالاستثناء تعظيم الله؛ والإقرار بأنه لا يقدر أحد أن يفعل فعلا إلا بمشيئته - عز وجل -؛ فالمعنى في قوله: إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إنا بلونا أهل مكة حين دعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف"؛ فابتلاهم الله بالجرب؛ والهلاك؛ وذهاب الأقوات؛ كما بلا أصحاب هذه الجنة باحتراقها؛ وذهاب قوتهم منها.

التالي السابق


الخدمات العلمية