معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
قوله - عز وجل -: إن تمسسكم حسنة تسؤهم ؛ أي: إن تظفروا؛ وتخصبوا؛ ساءهم ذلك؛ وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ؛ أي: إن نالكم ضد ذلك فرحوا؛ وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ؛ ضمن الله - جل وعز - للمؤمنين النصر إن صبروا؛ وأعلمهم أن عدوانهم؛ وكيدهم غير ضار لهم؛ و " لا يضركم " ؛ الأجود فيه الضم لالتقاء الساكنين؛ الأصل: " لا يضرركم " ؛ ولكن كثيرا من القراء والعرب يدغم في موضع الجزم؛ وأهل الحجاز يظهرون التضعيف؛ وهذه الآية جاءت فيها اللغتان جميعا؛ فقوله (تعالى): إن تمسسكم ؛ على لغة أهل الحجاز؛ وقوله: لا يضركم ؛ [ ص: 465 ] على لغة غيرهم من العرب؛ وكلا الوجهين حسن؛ ويجوز: " لا يضركم " ؛ و " لا يضركم " ؛ فمن فتح فلأن الفتح خفيف مستعمل فى التقاء الساكنين في التضعيف؛ ومن كسر فعلى أصل التقاء الساكنين؛ وقد شرحنا هذا فيما سلف من الكتاب؛ وقرئت: " لا يضركم " ؛ من " الضير " ؛ و " الضير " ؛ و " الضر " ؛ جميعا؛ بمعنى واحد؛ وكذلك " الضر " ؛ وقد جاء في القرآن: قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون ؛ وجاء: وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه ؛ وقد ذكر الفراء أن الكسائي سمع بعض أهل العالية يقول: " ما تضورني؛ فلو قرئت على هذا: " لا يضركم " ؛ جاز؛ وهذا غير جائز؛ ولا يقرأ حرف من كتاب الله مخالف فيه الإجماع على قول رجل من أهل العالية.

التالي السابق


الخدمات العلمية