معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - جل وعز -: ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم ؛ [ ص: 491 ] قرئت: " ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير " ؛ وقد قرئت: " ولا تحسبن الذين كفروا إنما نملي " ؛ معنى " نملي لهم " ؛ نؤخرهم؛ وهؤلاء قوم أعلم الله النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم لا يؤمنون أبدا؛ وأن بقاءهم يزيدهم كفرا وإثما؛ وأما الإعراب؛ فقال أبو العباس محمد بن يزيد : إن من قرأ بالياء " يحسبن " ؛ فتح " أن " ؛ وكانت تنوب عن الاسم والخبر؛ تقول: " حسبت أن زيدا منطلق " ؛ ويصح الكسر مع الياء بقبح: " ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم " ؛ بكسر " إن " ؛ وهو جائز على قبحه؛ لأن الحسبان ليس بفعل حقيقي؛ فهو يبطل عمله مع " إن " ؛ كما يبطل مع اللام؛ تقول: " حسبت لعبد الله منطلق " ؛ وكذلك قد يجوز على بعد: " حسبت إن عبد الله منطلق " ؛ ومن قرأ: " ولا تحسبن الذين كفروا " ؛ لم يجز له - عند البصريين - إلا كسر " إن " ؛ المعنى: " لا تحسبن الذين كفروا؛ إملاؤنا خير لهم " ؛ ودخلت " إن " ؛ مؤكدة؛ إذا فتحت " أن " ؛ صار المعنى: " ولا تحسبن الذين كفروا إملاءنا... " ؛ قال أبو إسحاق : وهو عندي في هذا الموضع يجوز على البدل من " الذين " ؛ المعنى: " لا تحسبن إملاءنا للذين كفروا خيرا لهم " ؛ وقد قرأ بها خلق كثير؛ ومثل هذه القراءة من الشعر قول الشاعر:


فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما

[ ص: 492 ] جعل هلكه بدلا من قيس؛ المعنى: فما كان هلك قيس هلك واحد.

التالي السابق


الخدمات العلمية