معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
قوله - عز وجل -: ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق ؛ يقال: " لبست عليهم الأمر؛ ألبسه " ؛ إذا عميته عليهم؛ و " لبست الثوب؛ ألبسه " ؛ ومعنى الآية: لا تلبسوا الحق؛ والحق ههنا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وما أتى به من كتاب الله - عز وجل -؛ وقوله: " بالباطل " ؛ أي: بما يحرفون. وقوله - عز وجل -: وأنتم تعلمون ؛ أي: تأتون لبسكم الحق؛ وكتمانه على علم منكم؛ وبصيرة؛ وإعراب " ولا تلبسوا " : الجزم بالنهي؛ وعلامة الجزم سقوط النون؛ أصله: " تلبسون " .

و " تكتمون " ؛ يصلح أن يكون جزما على معنى: " ولا تكتموا الحق " ؛ ويصلح أن يكون نصبا؛ وعلامة النصب أيضا سقوط النون؛ أما إذا نصبت فعلى معنى الجواب بالواو؛ ومذهب الخليل ؛ وسيبويه ؛ والأخفش ؛ وجماعة من البصريين؛ أن [ ص: 125 ] جميع ما انتصب في هذا الباب فبإضمار " أن " ؛ كأنك قلت: " لا يكن منكم إلباس الحق وكتمانه " ؛ كأنه قال: " وأن تكتموه " ؛ ودل " تلبسوا " ؛ على لبس؛ كما تقول: " من كذب كان شرا " ؛ ودل ما في صدر كلامك على الكذب؛ فحذفته.

التالي السابق


الخدمات العلمية