معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ؛ أي : لا تعبدوا معه غيره؛ فإن ذلك يفسد عبادته؛ وبالوالدين إحسانا ؛ المعنى : أوصاكم الله بعبادته؛ وأوصاكم بالوالدين إحسانا؛ وكذلك قوله (تعالى) : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ؛ لأن معنى " قضى " ؛ ههنا : أمر؛ ووصى. [ ص: 50 ] وقال بعض النحويين : " إحسانا " ؛ منصوب على " وأحسنوا بالوالدين إحسانا " ؛ كما تقول : " ضربا زيدا " ؛ المعنى : " اضرب زيدا ضربا " ؛ وبذي القربى ؛ أمر الله بالإحسان إلى ذوي القربى بعد الوالدين؛ واليتامى ؛ في موضع جر؛ المعنى : " وباليتامى والمساكين أوصاكم أيضا " ؛ وكذلك جميع ما ذكر في هذه الآية؛ المعنى : أحسنوا بهؤلاء كلهم؛ والجار ذي القربى ؛ أي : الجار الذي يقاربك وتعرفه ويعرفك؛ والجار الجنب ؛ والجار القريب المتباعد؛ قال علقمة :


فلا تحرمني نائلا عن جنابة ... فإني امرؤ وسط القباب غريب



وقوله - عز وجل - : والصاحب بالجنب ؛ قيل هو الصاحب في السفر؛ وابن السبيل ؛ الضيف يجب قراه؛ وأن يبلغ حيث يريد؛ وقوله : وما ملكت أيمانكم ؛ أي : وأحسنوا بملك أيمانكم؛ موضع " ما " : عطف على ما قبلها؛ وكانت وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - عند وفاته : " الصلاة؛ وما ملكت أيمانكم " . [ ص: 51 ] وقوله - عز وجل - : إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ؛ المختال : الصلف؛ التياه؛ الجهول؛ وإنما ذكر الاختيال في هذه القصة لأن المختال يأنف من ذوي قراباته إذا كانوا فقراء؛ ومن جيرانه إذا كانوا كذلك؛ فلا يحسن عشرتهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية