معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : أم لهم نصيب من الملك ؛ المعنى : بل ألهم نصيب من الملك؟! فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ؛ قال بعضهم : إنما معناه أنهم لو أعطوا الملك؛ ما أعطوا الناس نقيرا؛ وذكر النقير ههنا تمثيل؛ المعنى : لضنوا بالقليل؛ وأما رفع " يؤتون " ؛ فعلى " فلا يؤتون الناس نقيرا إذن " ؛ ومن نصب فقال : " فإذا لا يؤتوا الناس " ؛ جاز له ذلك؛ في غير القراءة؛ فأما المصحف فلا يخالف. [ ص: 63 ] قال سيبويه : " إذا " ؛ في عوامل الأفعال بمنزلة " أظن " ؛ في عوامل الأسماء؛ فإذا ابتدأت " إذن " ؛ وأنت تريد الاستقبال؛ نصبت لا غير؛ تقول : " إذن أكرمك " ؛ وإن جعلتها معترضة ألغيتها؛ فقلت : " أنا إذن أكرمك " ؛ أي : " أنا أكرمك إذن " ؛ فإن أتيت بها مع الواو والفاء؛ قلت : " فإذا أكرمك " ؛ وإن شئت " فإذن أكرمك " ؛ فمن قال : " فإذن أكرمك " ؛ نصب بها؛ وجعل الفاء ملصقة بها في اللفظ؛ والمعنى؛ ومن قال : " فإذن أكرمك " ؛ جعل " إذا " ؛ لغوا؛ وجعل الفاء في المعنى معلقة بـ " أ كرمك " ؛ والمعنى : " فأكرمك إذن " ؛ وتأويل " إذن " : إن كان الأمر كما ذكرت؛ أو كما جرى؛ يقول القائل : " زيد يصير إليك " ؛ فتجيب فتقول : " إذن أكرمه " ؛ تأويله : إن كان الأمر على ما تصف؛ وقع إكرامه؛ فـ " أن " ؛ مع " أكرمه " ؛ مقدرة بعد " إذن " ؛ المعنى : " إكرامك واقع إن كان الأمر كما قلت " ؛ قال سيبويه : حكى بعض أصحاب الخليل عن الخليل أن " أن " ؛ هي العاملة في باب " إذن " ؛ فأما سيبويه فالذي يذهب إليه ونحكيه عنه أن " إذن " ؛ نفسها الناصبة؛ وذلك أن " إذن " ؛ لما يستقبل لا غير في حال النسب؛ فجعلها بمنزلة " أن " ؛ في العمل؛ كما جعلت " لكن " ؛ نظيرة " إن " ؛ في العمل في الأسماء؛ وكلا القولين حسن جميل؛ إلا أن العامل - عندي - النصب في سائر الأفعال؛ " أن " ؛ وذلك أجود؛ إما أن تقع ظاهرة؛ أو مضمرة؛ لأن رفع المستقبل بالمضارعة؛ فيجب أن يكون نصبه في مضارعه ما ينصب في باب الأسماء؛ تقول : " أظن أنك [ ص: 64 ] منطلق " ؛ فالمعنى : " أظن انطلاقك " ؛ وتقول : " أرجو أن تذهب " ؛ أي : " أرجو ذهابك " ؛ فـ " أن " ؛ الخفيفة؛ مع المستقبل؛ كالمصدر؛ كما أن " أن " ؛ الشديدة مع اسمها؛ وخبرها؛ كالمصدر؛ وهو وجه المضارعة.

التالي السابق


الخدمات العلمية