معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : سوف نصليهم نارا ؛ أي : نشويهم في نار؛ ويروى أن يهودية أهدت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - شاة مصلية؛ أي : مشوية؛ وقوله : كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ؛ الأحسن إظهار التاء ههنا مع الجيم؛ لئلا تكثر الجيمات؛ وإن شئت أدغمت التاء في الجيم; لأن الجيم من وسط اللسان؛ والتاء من طرفه؛ والتاء حرف مهموس؛ فأدغمته في الجيم؛ فإن قال قائل : بدل الجلد الذي عصى بالجلد الذي غير العاصي؛ فذلك غلط من القول؛ لأن العاصي والآلم هو الإنسان؛ لا الجلد؛ وجائز أن يكون بدل الجلد النضج؛ وأعيد كما كان جلده الأول؛ كما تقول : " قد صغت من خاتمي خاتما آخر " ؛ فأنت وإن غيرت الصوغ فالفضة أصل واحد؛ وقد كان الجلد بلي بعد البعث؛ فإنشاؤه بعد النضج كإنشائه بعد البعث؛ وقوله : ليذوقوا العذاب ؛ أي : ليبلغ في ألمهم؛ وقوله : إن الله كان عزيزا حكيما ؛ [ ص: 66 ] العزيز : البالغ إرادته؛ الذي لا يغلبه شيء؛ وهو مع ذلك حكيم فيما يدبر؛ لأن الملحدين ربما سألوا عن العذاب كيف وقع؛ فأعلم الله - عز وجل - أن جميع ما فعله بحكمة.

التالي السابق


الخدمات العلمية