معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم ؛ أمر الله ألا يلقي المؤمنون بأيديهم إلى التهلكة؛ وأن يحذروا عدوهم؛ وأن يجاهدوا في الله حق الجهاد؛ ليبلو الله الأخيار؛ وضمن لهم مع ذلك النصر؛ لأنه لو تولى الله (تعالى) قتل أعدائه بغير سبب للآدميين لم يكونوا مثابين؛ ولكنه أمر أن يؤخذ الحذر؛ وقال : فانفروا ثبات أو انفروا جميعا ؛ [ ص: 75 ] و " الثبات " : الجماعات المتفرقة؛ واحدها " ثبة " ؛ قال زهير بن أبي سلمى :


وقد أغدو على ثبة كرام ... نشاوى واجدين لما نشاء



قال سيبويه : " ثبة " ؛ تجمع " ثبون " ؛ و " ثبين " ؛ في الرفع؛ والنصب؛ والجر؛ وإنما جمعت بالواو والنون - وكذلك " عزة " ؛ و " عضة " - كقوله - عز وجل - : الذين جعلوا القرآن عضين ؛ لأن الواو والنون جعلتا عوضا من حذف آخر الكلمة؛ و " ثبة " ؛ التي هي الجماعة؛ محذوف آخرها; تصغر " ثبية " ؛ و " ثبة الحوض " : وسطه؛ حيث يثوب الماء إليه؛ تصغر " ثويبة " ؛ لأن هذا محذوفة منه عين الفعل؛ وإنما اشتقت ثبة الجماعة من " ثبيت على الرجل " ؛ إذا أثنيت عليه في حياته؛ وتأويله أنك جمعت ذكر محاسنه؛ فأما " الثبة " : الجماعة من فرقة؛ فتأويله : انفروا جماعات متفرقة؛ أو انفروا بعضكم إلى بعض.

التالي السابق


الخدمات العلمية