معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة ؛ فذا خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ يراد به الخلق؛ ومخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تكون للناس جميعا؛ لأنه - عليه السلام - لسانهم؛ والدليل على ذلك قوله : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ؛ فنادى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده وصار الخطاب شاملا له ولسائر أمته؛ فمعنى [ ص: 80 ] " ما أصابك من حسنة فمن الله " : أي : ما أصبتم من غنيمة؛ أو أتاكم من خصب؛ فمن تفضل الله؛ وما أصابك من سيئة ؛ أي : من جدب؛ أو غلبة في حرب؛ فمن نفسك ؛ أي : أصابكم ذلك بما كسبتم؛ كما قال الله - جل وعز - وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ؛ ومعنى وأرسلناك للناس رسولا معنى " الرسول " ؛ ههنا؛ مؤكد لقوله : وأرسلناك ؛ لأن " وأرسلناك للناس " ؛ تدل على أنه رسول؛ وكفى بالله شهيدا ؛ أي : الله قد شهد أنه صادق؛ وأنه رسوله؛ و " شهيدا " ؛ منصوب على التمييز؛ لأنك إذا قلت : " كفى الله " ؛ ولم تبين في أي شيء الكفاية؛ كنت مبهما؛ والفاء دخلت في قوله - جل وعز - : ما أصابك من حسنة فمن الله ؛ لأن الكلام في تقدير الجزاء؛ وهو بمنزلة قولك : " إن تصبك حسنة فمن الله " .

التالي السابق


الخدمات العلمية