معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - جل وعز - : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها ؛ قال النحويون : " أحسن " ؛ ههنا؛ صفة لا تنصرف؛ لأنه على وزن " أفعل " ؛ وهو صفة؛ والمعنى : فحيوا بتحية أحسن منها؛ وقيل في التفسير : " التحية " ؛ هنا : السلام؛ وهي " تفعلة " ؛ من " حييت " ؛ ومعنى " حيوا بأحسن منها " : إذا قيل لكم : " السلام عليكم " ؛ فقولوا : " وعليكم السلام ورحمة الله " ؛ فالتحية التي هي أحسن منها هي : " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته " ؛ ويقال : " لكل شيء منتهى؛ ومنتهى السلام كلمة (وبركاته) " ؛ ويروى أن داخلا دخل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وعليك " ؛ ودخل آخر فقال : السلام عليكم؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وعليكم السلام ورحمة الله " ؛ ودخل رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته " ؛ فقام الداخل الأول فقال : يا رسول الله؛ سلمت فلم تزد على " وعليك " ؛ وقام هذا فقال : السلام عليكم؛ فزدته؛ وقام هذا فقال : " السلام عليكم ورحمة الله؛ فزدته؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنك لم تترك من السلام شيئا؛ فرددت عليك؛ وهذان تركا منه شيئا فزدتهما " ؛ وهذا دليل أن آخر ما في السنة من السلام كلمة " وبركاته " . [ ص: 87 ] وقوله - جل وعز - : إن الله كان على كل شيء حسيبا ؛ أي : يعطي كل شيء من العلم والحفظ والجزاء مقدار ما يحسبه؛ أي : يكفيه؛ تقول : " حسبك بهذا " ؛ أي : " اكتف بهذا " ؛ وقوله (تعالى) : عطاء حسابا ؛ أي : كافيا؛ وإنما سمي الحساب في المعاملات " حسابا " ؛ لأنه يعلم ما فيه كفاية؛ ليس فيها زيادة على المقدار؛ ولا نقصان.

التالي السابق


الخدمات العلمية