معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ؛ يعنى به المشركون؛ الذين تخلفوا عن الهجرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فـ " توفاهم " ؛ إن شئت كان لفظها ماضيا؛ على معنى " إن الذين توفتهم الملائكة " ؛ وذكر الفعل؛ لأنه فعل صحيح؛ ويجوز أن يكون على معنى الاستقبال؛ على معنى " إن الذين تتوفاهم الملائكة " ؛ وحذفت التاء الثانية لاجتماع تاءين؛ وقد شرحنا ذلك فيما تقدم من هذا الكتاب؛ وقوله : ظالمي أنفسهم ؛ نصب على الحال؛ المعنى : " تتوفاهم في حال ظلمهم أنفسهم " ؛ والأصل " ظالمين أنفسهم " ؛ إلا أن النون حذفت استخفافا؛ والمعنى معنى ثبوتها؛ كما قال - جل وعز - هديا بالغ الكعبة ؛ والمعنى معنى ثبوت التنوين؛ معنى " بالغا الكعبة " ؛ وقوله : قالوا فيم كنتم ؛ [ ص: 95 ] هذه الواو لـ " الملائكة " ؛ أي : قال الملائكة للمشركين : فيم كنتم؟ أي : أكنتم في المشركين؛ أم في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ وهذا سؤال توبيخ؛ قد مر نظراؤه مما قد استقصينا شرحه؛ وقوله : كنا مستضعفين في الأرض ؛ فأعلم الله أنهم كانوا مستضعفين عن الهجرة؛ فقالت لهم الملائكة : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا

التالي السابق


الخدمات العلمية