معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ؛ اسم " ليس " ؛ مضمر؛ المعنى : ليس ثواب الله بأمانيكم؛ ولا أماني أهل الكتاب؛ وقد جرى ما يدل على إضمار الثواب؛ وهو قوله : والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ؛ أي : إنما يدخل الجنة من آمن وعمل صالحا؛ ليس كما يتمنى أهل الكتاب؛ لأنهم كانوا يزعمون أنهم أبناء الله؛ وأحباؤه؛ وقالوا : لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ؛ فأعلم الله - عز وجل - أن دخول الجنة وثواب الله على الحسنات؛ والسيئات؛ ليس بالأماني؛ ولكنه بالأعمال؛ ثم ذكر بعض ذلك؛ فقال - عز وجل - : [ ص: 112 ] من يعمل سوءا يجز به ؛ أي : لا ينفعه تمنيه؛ ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون ؛ فأعلم الله أن عامل السوء لا ينفعه تمنيه؛ ولا يتولاه متول؛ ولا ينصره ناصر؛ وقد احتج قوم من أصحاب الوعيد بقوله : ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ؛ فزعموا أن هذا يدل على أن من عمل السوء جزي به؛ وقد أعلم الله - عز وجل - أنه يغفر ما دون الشرك لمن يشاء؛ فعامل السوء - ما لم يكن كافرا - مرجو له العفو؛ والرحمة؛ والنبي - صلى الله عليه وسلم - شافع لأمته؛ يشفع فيهم؛ ومعنى : ولا يظلمون نقيرا ؛ " النقير " : النقطة في ظهر النواة؛ وهي منبت النخلة؛ والمعنى : ولا يظلمون مقدار ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية