معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : ومهيمنا عليه ؛ رواها بعضهم : " ومهيمنا " ؛ بفتح الميم الثانية؛ وهي عربية؛ ولا أحب القراءة بها؛ لأن الإجماع في القراءة على كسر الميم في قوله : المؤمن المهيمن ؛ واختلف الناس في تفسير قوله : المؤمن المهيمن ؛ واختلف الناس في تفسير قوله : ومهيمنا عليه ؛ فقال بعضهم : معناه : وشاهدا عليه؛ وقال بعضهم : رقيبا عليه؛ وقال [ ص: 180 ] بعضهم : معناه : مؤتمنا عليه؛ وقال بعضهم : " المهيمن " : اسم من أسماء الله في الكتب القديمة؛ وقال بعضهم : " مهيمن " ؛ في معنى " مؤتمن " ؛ إلا أن الهاء بدل من الهمزة؛ والأصل " مؤتمنا عليه " ؛ كما قالوا : " هرقت الماء " ؛ و " أرقت الماء " ؛ وكما قالوا : " إياك " ؛ و " هياك " ؛ وهذا قول أبي العباس محمد بن يزيد؛ وهو على مذهب العربية حسن وموافق لبعض ما جاء في التفسير؛ لأن معناه : " مؤتمن " ؛ وقوله : وليحكم أهل الإنجيل ؛ قرئت بإسكان اللام؛ وجزم الميم؛ على مذهب الأمر؛ وقرئت : " وليحكم " ؛ بكسر اللام؛ وفتح الميم؛ على معنى " ولأن يحكم " ؛ ويجوز كسر اللام مع الجزم : " وليحكم أهل الإنجيل " ؛ ولكنه لم يقرأ به فيما علمت؛ والأصل كان كسر اللام؛ ولكن الكسرة حذفت استثقالا؛ و " الإنجيل " ؛ القراءة فيه بكسر الهمزة؛ ورويت عن الحسن : " الأنجيل " ؛ بفتح الهمزة؛ وهذه قولة ضعيفة؛ لأن " أنجيل " ؛ " أفعيل " ؛ وليس في كلام العرب هذا المثال؛ و " إنجيل " ؛ " إفعيل " ؛ من " النجل " ؛ وهو الأصل؛ وللقائل أن يقول : إن " إنجيل " ؛ اسم أعجمي فلا ينكر أن يقع بفتح الهمزة؛ لأن كثيرا من الأسماء الأعجمية تخالف أمثلة العرب ؛ نحو " آجر " ؛ و " إبراهيم " ؛ و " هابيل " ؛ و " قابيل " ؛ فلا ينكر أن يجيء " أنجيل " ؛ وإنما كرهت القراءة بها لأن إسنادها عن الحسن لا أدري هل هو من ناحية يوثق بها؛ أم لا.

التالي السابق


الخدمات العلمية